عملا، وبرجله عملا، وأن يسمع كلام هذا القارئ وهذا القارئ وهذا القارئ، فالجمع بين هذه الأمور قد يتعذر العبد لا لامتناع اجتماعها في نفسه، فإن سمع هذا لا ينافي سمع هذا لذاته، ولا هذه الحركة تنافي هذه الحركة لذاتها ولهذا يعقل اجتماع هذه بخلاف اجتماع الضدين.
وكذلك رؤية المرئيات المختلفة لا تتضاد، ولكن يتضاد تحريك الأجفان إلى جهتين مختلفتين، فنفس الحركات متضادة، وأما ما يحصل عنها من إدراك، فليس هو في نفسه متضاداً.
فإذا قدر إدراك لا يفتقر إلى حركة، أو يحصل بحركة واحدة، كمن ينظر إلى السماء بتحديق واحد، لم يكن إدراكه لهذه المدركات في آن واحد متضاداً، فهل يمكن أن يقال في الصوت مثل ذلك، وأنه يمكن حصول أصوات بلا حركات وحينئذ فلا تتضاد تلك الأصوات المجتمعة في محل واحد في زمن واحد؟
فيه نزاع، وجمهور العقلاء على امتناعه فإن كان هذا مما يمكن اجتماعه صار كمعاني الكلام والصفات وإن لم يمكن اجتماعه صار كالمتضادات.
وعلى هذا التقدير: فمن قال بإمكان اجتماع هذه الأمور لم يكن في قوله من الاستبعاد اعظم من قول من يقول: تكون تلك الحقائق المختلفة شيئاً واحداً.