وليس اجتماع ما يظهر تضاده بأعظم من اتحاد ما يعلم اختلافه.
وإذا قال القائل: الأمور الإلهية لا تشبه بأحوال العباد، بل العبد يختلف علمه باختلاف المعلومات وإرادته باختلاف المرادات ويتعدد ذلك فيه والباري ليس كذلك.
قيل: فإذا جوزتم أن يكون ما يعلم تعدده واختلافه في المخلوقين واحداً لا تعدد فيه ولا تنوع في حق الخالق أمكن منازعكم أن يقول كذلك، فيقول: ما يمتنع اجتماعه في حقنا لا يمتنع اجتماعه في حقه لأنه واسع لا يقاس بالمخلوقين.
بل اجتماع الأمور التي يظهر تضادها فينا أقرب من اتحاد الأمور التي نعلم اختلافها، فإن كون الشيء هو نفس ما يخالفه، أمر فيه قلب الحقائق.
وأما اجتماع الشيء وغيره في حق الخالق، مع امتناع اجتماعهما في حق المخلوقات فيدل على أنه يمكن في حقه ما لا يمكن في حق الخلق وذلك يدل على عظمته وقدرته.
وأيضاً فقد يقول الكرامية وأمثالهم: إن محل هذه الحروف والأصوات ليس هو بعينه محل الأخرى، والله واسع عظيم، لا يحيط العباد به علماً، ولا تدركه أبصارهم.
وبالجملة فالناس متنازعون في إمكان اجتماع الحروف وإمكان