قدمها، والنزاع في ذلك قديم ذكره الأشعري في المقالات وأصحاب أحمد متنازعون في ذلك، وكذلك أصحاب مالك، وأبي حنيفة والشافعي، وغيرهم من الطوائف وكذلك أهل الحديث والصوفية.
وحينئذ فيقال: إما أن يكون ذلك ممتنعاً وغما ان يكون ممكناً فغن كان ممتنعاً لم يكن ظهور امتناعه أعظم من ظهور امتناع قول الكلابية الذي يوجب قدم المعاني المتنوعة التي هي مدلول العبارات المنتظمة، ويجعلها مع ذلك معنى واحداً.
فإن الألفاظ قوالب المعاني، ونحن كما لا نعقل الحروف إلا متوالية متعاقبة فلا تعقل معانيها إلا كذلك وبتقدير أن نعقل اجتماع معانيها، فهي معان متنوعة ليست شيئاً واحداً.
ولهذا لما قالت الكلابية لهؤلاء: الحروف متعاقبة، والسين بعد الباء وذلك يمنع قدمها.
أجابوهم بثلاثة أجوبة كما ذكر ابن الزاغوني وقالوا هذا معارض بمعارض الحروف فإنها متعاقبة عندنا وانتم تقولون بقدمها.
الثاني أن التعاقب والترتيب نوعان: أحدهما ترتيب في نفس الحقيقة والثاني ترتيب في وجودها فإذا كانت موجودة شيئاً بعد شيء كان الثاني حادثاً وأما الترتيب الذاتي العقلي فهو بمنزلة كون