الجواهر مختلفة في الحقائق وحينئذ فتبقى هذه الوجوه موقوفة على القول بتماثل الجواهر والمنازع يمنع ذلك بل ربما قال العلم باختلافها ضروري.
ودعوى تماثلها مخالف للحس والعلم الضروري فإنا نعلم أن حقيقة الماء مخالفة لحقيقة النار، وأن حقيقة الذهب مخالفة لحقيقة الخبز وأن حقيقة الدم مخالفة لحقيقة التراب، وأمثال ذلك وأن اشتراكهما في كونهما جوهرين هو اشتراكهما في كونهما قائمين بأنفسهما او متحيزين أو قابلين للصفات وهذا اشتراك في بعض صفاتها لا في الحقيقة الموصوفة بتلك الصفات.
الثالث: أنه إن أراد بقوله: إنه جوهر كالجواهر أنه مماثل لكل جوهر في حقيقته ويجوز عليه ما يجوز على كل جوهر، فهذا لا يقوله عاقل.
وأنما أراد المنازع انه إما قائم بنفسه وإما متحيز وإما نحو ذلك من المعاني التي يقول إن الاشتراك فيه كاشتراك في كون كل منهما حياً قائماً بنفسه ونحو ذلك، فيبقى النزاع في أن مسمى الجوهر عند هؤلاء يقتضي تماثل أفراده.
وهؤلاء يقولون: لا بل هو اسم لما تختلف أفراده وفي أن هؤلاء يقولون: الاشتراك في التحيز الاصطلاحي يقتضي التماثل في الحقيقة وهؤلاء ينفون ذلك.