ومعلوم عند التحقيق أن قول النفاة للتماثل هو الحق كما قد بسط في موضعه.
وهؤلاء يقولون: قولنا جوهر كقولكم ذات قائمة بنفسها ونحو ذلك.
فتبين أن ما ذكره من الدليل على نفي الجوهر هو دليل على نفي ما اتفقت الطوائف على نفيه فإن أحداً من العقلاء لا يقول إنه جوهر بمعنى مماثلته لكل قائم بنفسه فيما يجب ويجوز ويمتنع وما قاله المثبتة منه ما سلم لهم معناه ومنه مالا حجة له على نفيه إلا حجته على نفي الجسم، وحينئذ فيكون الكلام في نفي الجوهر مفرعاً على الكلام في نفي الجسم.
وقوله: إن الوجوه الأربعة التي نفي بها الجوهر ينفي بها الجسم لا يستقيم فإنه إنما نفي بها الجوهر بمعنى انه مماثل لغيره فيما يجب ويجوز ويمتنع وهذا مما يسلمه له من يقول إنه جوهر وجسم فإقامة الدليل عليه نصب للدليل في غير محل النزاع لم ينف بها الجوهر بالمعنى الذي يثبته من قال.
وحرف المسألة أن كلامه مبني على تماثل الجواهر ومن يقول ذلك لا يقول إنه جوهر ولا جسم فالكلام في هذا الباب فرع