سؤال لا يرد عليهم ولا على أحد وذلك أن معنى الحاجة إن أريد به أن اتصافه بصفات الكمال لا يستلزم كونه عالماً قادراً فهذا باطل وإذا قيل إن ذلك يتضمن الحاجة إلى صفة فهو كقول القائل إن ذلك يتضمن الحاجة إلى ذاته وهو غني بنفسه عن كل ما سواه ولا يقال هو غني عن نفسه فغن نفسه المقدسة الموصوفة بصفة الكمال المستلزمة لذلك هي الغنية فإذا قيل هو غني عن ذلك كان مثل قول القائل هو غني عن نفسه أو غني عن غناه أو غني عما لا يكون غنياً إلا به وكقوله الحي الذي تجب الحياة له غني عن حياته أو واجب الوجود غني عن وجوده والقديم عن قدمه ونحو ذلك.
فإن قال هم يقولون عالم بعلم ولا يقولون موجود بوجود ولا باق ببقاء ولا قديم بقدم.
قيل منهم من يقول ذلك ومنهم من لا يقول به ويفرق بأن نفس الذات القديمة الباقية إذا قدرت غير قديمة ولا باقية لم يرجع الخلاف في ذلك إلى معنى ثبتي قام بها فإن البقاء هو الدوام والشيء الباقي إذا قدر أنه لم يتغير فحاله مع البقاء ودونه سواء بخلاف العلم والقدرة فإن الذات العالمة القادرة إذا قدر أنها غير عالمة ولا قادرة علم ذلك اختلاف حالها في نفسها بتقدير عدمه ليس هو مجرد نسبة وإضافة كالبقاء ونحوه.
وأيضاً فجمعك بين هؤلاء الصفاتية وبين المجوس والنصارى فيه من التحامل مالا يخفى على منصف.