وقولك عن النصارى إنهم ربما أومأوا إلى مذهب الكلابية فيقال له لو كان قول النصارى ليس فيه إلا إثبات أن الله حي بحياة عالم بعلم لكان قولهم وقولك وقول الكلابية سواء.
والنصارى لم يكفرهم الله بهذا وغنما كفرهم الله بما ذكره عنهم في كتابه مما لا يقول به أحد من الصفاتية المسلمين وقول النصارى فيه من التناقض والاضطراب ما يتبين لكل عاقل ساده حيث يثبتون الابن صفة أقنوماً ويجعلونه مع ذلك إلهاً فاعلاً ويجعلون مع ذلك الإله واحداً ويقولون إن المتحد بالمسيح هو الابن وهو الكلمة دون الأب فهو مذهب متناقض كتناقض الفلاسفة بل والمعتزلة متناقضون ايضاً في نفي الصفات وإثبتها كما تراه وهذا كلام افضل متأخريهم.
ثم إنه لم يحتج على الصفاتية إلا بحجتين إحداهما انه لو كان له علم لكان علمه مثل علمنا والمثلان لا يكون أحدهما محدثاً والآخر قديماً.
والثانية أن كونه عالماً قادراً واجب والصفة إذا كانت واجبة استغنت بوجوبها عن معنى يوجبها فقد سمى ذلك صفة وهذه الحجة غنما تلزم مثبتة الحال وهم يقولون يعلل الواجب بالواجب وأما الأولى ففسادها ظاهر جداً لا سيما وأبو الحسين لا يسلم لهم أن الواحد منا عالم لمعنى ولهذا عدل عن طريقتي شيوخه المذكورتين في نفي الصفات إلى طريقة ثالثة أضعف منهما فقال إنه لا طريق إلى إثبات هذه المعاني