للأبدان كذلك تعرض الأمراض للنفوس مرض الشبهات والشهوات.
وفي الحديث المأثور: إن الله يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات، رواه البيهيقي مرسلاً، وزاد فيه بعضهم: ويحب السماحة، ولو بكف من تمرات، ويحب الشجاعة ولو على قتل الحيات.
ولكن البراهمة أنكرت ما سوى هذا الموجود المحسوس، كما هو قول الطبيعية من الفلاسفة، وقول الفرعونية ونحوهم، وهذا هو المردود عليهم، وسيأتي بيان ذلك في حكاية الإمام أحمد مناظرتهم لجهم، ويمكن أن الراهمة أو بعضهم قال مالا يمكن معرفته بالحس ألبته فهو ممتنع وهذا قول أكثر أهل الأرض من أهل الملل وغيرهم، وهو القول الذي أنكره ابن سينا وأراد إبطاله.
لكن هؤلاء نوعان: منهم من أنكر مالا يحسه عموم الناس في الدنيا، حتى أنكر الملائكة والجن، بل وجحد رب العالمين سبحانه، فهؤلاء هم الكفار الدهرية المعطلة المحضة.
وابن سينا وأمثاله يردون على هؤلاء لكن يردون عليهم أحيانا بحجج فاسدة.
وهذا هو القسم الثاني، وهو إنكار الإنسان مالا يحس في الدنيا.
وأما القسم الثالث، وهو أن الموجود هو ما يمكن الإحساس به، ولو في الآخرة، وأن ما أخبرت به الرسل من الغيب، كما أخبرت به عن الجنة والنار وعن الملائكة، بل وإخبارهم عن الله تعالى، هو مما يمكن معرفته بالحس، كالرؤية.