فهذا قول جماهير أهل الإيمان بالرسل، وسلف الأمة وأئمتها، فإنهم متفقون على أن الله يرى في الآخرة عيانا، كما يرى الشمس والقمر، وأنه لا يلزم من تعذر رؤية الشيء في حال تعذر رؤيته في حال أخرى، بل قد يرى الشيء في حال دون حال، كما أن الأنبياء يرون مالا يراه غيرهم من الملائكة وغيرها، بل والجن يراهم كثير من الناس.
وإن ادعى أن من الموجودات القائمة بأنفسها مالا يمكن أن يعرف بالإحساس في حال من الأحوال، فهذا قول باطل، ولا دليل له لعيه، وهذا قول الجهمية الذين ينكرون رؤية الله تعالى.
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على بطلان قولهم، وفساد قولهم يعلم بالعقل الصريح، كما يعلم بالنقل الصحيح، وهؤلاء في نفس الأمر من أجهل الناس وأضلهم، وإن كانوا عند أنفسهم من أعقل الناس وأعرفهم، فهم كما قال تعالى:{الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} غافر ٥٦.
وكما قال تعالى {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} البقرة ١٣.
وقوله:{فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} غافر ٨٣.