وأما حجته على إثبات وجود ما ليس بمحسوس، فقد احتج بالكليات.
فيقال له: قولك: إن هذه المحسوسات يقع عليها اسم واحد بحسب معنى واحد، مثل اسم الإنسان، فإن وقوعه على زيد وعمرو بمعنى واحد موجود.
فيقال له: لأتعني أن هذا المعنى الواحد الذي يشترك فيه زيد وعمرو، هو معنى واحد قائم بالعالم كالإنسان؟ كما أن لفظ إنسان قائم بالناطق، وكما أن خط زيد قائم باللوح الذي فيه الخط؟
أم تعني أن ذلك المعنى الواحد هو موجود في الخارج، في زيد وعمرو أو في غيرهما؟
أما الأول فصحيح ولاحجة لك فيه.
وأما الثاني فقولك في المعنى كقول من يطرد قولك، ويجعل لفظ الإنسان الواقع على زيد وعمرو موجوداً في الخارج قائماً بزيد وعمرو ويجعل الخط المطابق للفظ ثابتاً في الخارج عن اللوح، قائما بزيد وعمرو، إذا كل عاقل يعلم أن الخط مطابق للفظ، وأن اللفظ مطابق للمعنى، وأن عموم المعنى الواحد كعموم اللفظ الواحد المطابق له.
فإذا قال القائل إنسان كان للفظه وجود في لسانه وللمعنى وجود في ذهنه ووقوعه هذا على زيد وعمرو كوقوع هذا على زيد وعمرو وهذا هو المعنى الذي سميته معقولاً، وجعلته معقولاً صرفاً،