يعرض في العلم من الضلال والإضلال، وما يعرض في الإرادة من اتباع الشهوات، كما جمع بينهما في قوله:{إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}[النجم: ٢٣] .
فقال أولا:{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم}[الحج: ٣] ، وكل من جادل في الله بغير هدى ولا كتاب منير، فقد جادل بغير علم أيضا، فنفي العلم يقتضي نفي كل ما يكون علماً بأي طريق حصل، وذلك ينفي أن يكون مجادلاً بهدىً أو كتاب منير، ولكن هذه حال الضال المتبع لمن يضله، فلم يحتج إلى تفصيل، فبين أنه يجادل بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كتب على ذلك الشيطان أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير.
وهذه حال مقلد أئمة الضلال بين أهل الكتاب وأهل البدع، فإنهم يجادلون في الله بغير علم، ويتبعون من شياطين الجن والإنس من يضلهم.
ثم ذكر حال المتبوع الذي يثنى عطفيه تكبراً كما قال:{وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها}[لقمان: ٧] .
وقال:{فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى}[القيامة: ٣١ -٣٣] .
وهذا النوع يجادل ليضل عن سبيل الله، وجداله بغير علم أيضا، ولكن فصل حاله، فبين أنه لا يجادل بهدىً كأيمان المؤمن، ولا بكتاب