للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فلو قدر أنه ناقض دليلاً خاصاً عقلياً يدل على صحته، فالأدلة العقلية الدالة على صحة الشرع متنوعة متعددة، فلا يلزم من بطلان واحد منها بطلان غيره، بخلاف الشرع المدلول عليه، فإن قد قدر بطلانه لزم بطلان جميع ما يدل عليه من المعقولات.

وأيضاً فإن هؤلاء المعارضين للشرع بالعقل، يدعون في معقولات معينة أنه عرفوا بهذا الشرع كدعوى الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم أن الشرع إنما تعلم صحته بالدليل الدال على حدوث الأجسام، المبني على أن الأجسام مستلزمة للأعراض، والأعراض حادثة لامتناع حوادث لا أول لها.

وهذا الدليل يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العلم بصدق الرسول ليس موقوفاً عليه، لأن الذين أمنوا بالله ورسوله، وشهد لهم القرآن بالإيمان من السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، لم يستدلوا على صدق الرسول بهذا الدليل.

وحينئذ فلو قدر أن هذا الدليل صحيح، لم يلزم من عدم الاستدلال به بطلان الإيمان بالرسول، بل يمكن الاستدلال على صدق الرسول بالأدلة الأخرى، كالأدلة التي استدل بها السلف وجماهير الأمة.

وحينئذ فإذا قدر أن هذا المعقول المعين مناقض لخبر الرسول، لم يلزم من تقديم خبر الرسول عليه، القدح في أصل السمع الذي لا يعلم إلا به، فكيف إذا كان هذا الدليل باطلا؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>