وحينئذ فيقال لهم: لا نسلم أن مثل هذا هو الأصل الذي به علم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هذا معارضة لقول الرسول بما لا يدل على صدقه، فبطل قول من يقول: إنا إذا قدمنا الشرع كان ذلك طعنا في أصله.
وهذه المقدمات التي ذكروها عامتها ممنوعه ويتبين فسادها بما هو مبسوط في موضع أخر.
وإذا قال أحدهم: نحن لا نعلم صدق الرسول إلا بهذا، أو لا نعلم دليلا يدل على صدق الرسول إلا هذا.
قيل: لا نسلم صحة هذا النفي، وعدم العلم ليس علماً بالمعدوم، وأنتم مكذبون لبعض ما جاء به الشرع، وتدعون أنه لا دليل على صدق الرسول سوى طريقكم، فقد جمعتم بين تكذيب ببعض الشرع، وبين نفي لا دليل عليه، فخالفتم الشرع بغير حجة عقلية أصلا.
وإذا قال أحدهم: فما الدليل على صدق الرسول غير هذا؟ .
قيل: في هذا المقام لا يجب بيانه، وإن كنا نبينه في موضع آخر، بل يكفينا رد المنع، ونحن نعلن بالاضطرار أن سلف الأمة وأئمتها كانوا مصدقين للرسول بدون هذا الطريق.
يوضح هذا أن المعارضين الذين يقولون بتقديم العقل على الشرع، قد اعترف حذاقهم بما يبين أن الشرع ليس مبنياً على معقول يعارض شيئاً منه، وبيان ذلك في: