وهؤلاء يقولون: علمنا بأن الرسول أخبر بالعلو وبهذه الصفات علم ضروري من دينه، أبلغ من علمنا بثبوت اللعان والشفعة وحد القذف وسجود التلاوة والسهو ونحو ذلك.
وإذا كان ذلك معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام، لم يكن أن يقال: إن الرسول لم يخبر به، بل لا يمكن إلا أحد أمرين: إما تكذيب الرسول، وإما رد هذه المعارضات المبتدعة.
قالوا وعلمنا بصدق الرسول علم يقيني لا ريب يتخلله، فالشبه القادحة في ذلك كالشبه القادحة في العلوم العقلية اليقينية، وهذه من جنس شبه السوفسطائية، فنحن نعلم فسادها من حيث الجملة من غير خوض في التفصيل.
ولا ريب أن هذا الأصل مستقر في قلب كل مؤمن بالله ورسوله، فإن أهل الإلحاد قد يذكرون له شبهات ويقدحون بها فيما جاء به الرسول في مواضع كثيرة، وقد لا يكون للمؤمن خبرة بالمناظرة في ذلك، لعدم العلم بعباراتهم ومقاصدهم في كلامهم، كمن يتكلم بلفظ (الجسم) ، (والجوهر) ، (والحيز) ، (الهيولى) ، (المادة) ، (والصورة) ، (الكلي) ، (والجزئي) ، (الماهية) ، ونحو ذلك عند من ليس له خبره بهذه الأوضاع والاصطلاحات، ويؤلفها تأليفا يتضمن القدح فيما أخبر الله به ورسوله، فإن المؤمن يعلم فساد ذلك مجملاً، وإن لم يعرف وجه فسادها، لا سيما إذا لم يكن خبيراً بطرق