للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المناظرة وترتيب الأدلة، وكيف يفسد المتعارض بالممانعة في موضعها، ولمعارضة في موضعها، ونحو ذلك ما يبين به فساد الأقوال الباطلة المعارضة للحق.

وقول هؤلاء لنفاة الصفات نظير قول كل من آمن باليوم الآخر للملاحدة النفاة، إذا قالوا: قد قام الدليل العقلي على نفي المعاد مطلقا، أو نفي الأكل والشرب والنكاح ونحو ذلك في الجنة، أو على نفي معاد البدن، والنصوص المعارضة لذلك إما أن تأول وأما أن تفوض، فإن المؤمنين بالآخرة من أهل الكلام وغيرهم قالوا لهم: نحن نعلم ثبوت المعاد بالاضطرار من دين الإسلام، فلا يمكن دفع العلوم الضرورية، فلو لم يكن المعاد حقاً لزم: إما جحد كون الرسول أخبر به، وإما جحد صدقه فيما أخبر، وكلاهما ممتنع، وإلا فمن علم أن الرسول أخبر به، وعلم أنه لا يخبر إلا بحق- علم بالضرورة أن المعاد حق.

وهنا بعينه يقوله مثبتو الصفات والأفعال للنفاة حذو القذة بالقذة، فإن هؤلاء النفاة للصفات المثبتين للمعاد هم بين المؤمنين بالجميع كالسلف والأئمة، وبين الملاحدة المنكرين للصفات والمعاد، فالملاحدة تقول لهم: قولنا في نفي المعاد كقولكم في نفي الصفات، فلا يستل بالشرع على هذا ولا على هذا لمعارضة العقل له، والمؤمنون بالله ورسوله يقولون لهم: قولنا لكم في الصفات كقولكم للملاحدة في المعاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>