للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فلو لم تكن هذه الأسماء متواطئة، لكان لا يفهم منها عند الإطلاق الثاني معنى، حتى يعرف معناها في ذلك الإطلاق الثاني، كما في الألفاظ المشتركة، فإنه إذا أطلقه في موضع ما يدل على معناه، ثم أطلقه مرة ثانية وأراد به المعنى الآخر، فإنه لا يفهم ذلك المعنى إلا بدليل يدل عليه.

ثم هم مع هذا التناقض موافقون في المعنى للملاحدة، فإنهم إذا جعلوا أسماء الله تعالى كالحي والعليم والقدير والموجود ونحو ذلك مشتركة اشتراكاً لفظياً، لم يفهم منها شيء إذا سمي بها الله، إلا أن يعرف ما هو ذلك المعنى الذي يدل عليه إذا سمي بها الله، لا سيما إذا كان المعنى المفهوم منها عند الإطلاق ليس هو المراد إذا سمي بها الله.

ومعلوم أن اللفظ المفرد إذا سمي به مسمىً لم يعرف معناه حتى يتصور المعنى أولاً، ثم يعلم أن اللفظ دال عليه، فإذا كان اللفظ مشتركاً، فالمعنى الذي وضع له في حق الله لم نعرفه بوجه من الوجوه، فلا يفهم من أسماء الله الحسنى معنى أصلاً، ولا يكون فرق بين قولنا: حي وبين قولنا ميت ولا بين قولنا موجود وبين قولنا معدوم، ولا بين قولنا عليم وبين قولنا جهول، أو (ديز) أو (كجز) بل يكون بمنزلة ألفاظ أعجمية سمعناها ولا نعلم مسماها، أو ألفاظ مهملة لا تدل على معنى، كديز وكجز ونحو ذلك.

ومعلوم أن الملاحدة يكفيهم هذا، فإنهم لا يمنعون إطلاق اللفظ إذا تظاهروا بالشرع، وإنما يمنعون منه أن نفهم معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>