للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب هذا الضلال أن لفظ (التشبيه) و (التركيب) لفظ فيه إجمال.

وهؤلاء أنفسهم - هم وجماهير العقلاء - يعلمون أن ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك، ونفي ذلك القدر المشترك ليس هو نفس التمثيل والتشبيه الذي قام الدليل العقلي والسمعي على نفيه، وإنما التشبيه الذي قام الدليل على نفيه ما يستلزم ثبوت شيء من خصائص المخلوقين لله سبحانه وتعالى، إذ هو سبحانه: {ليس كمثله شيء} [الشورى: ١١] ، ولا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.

ولهذا اتفق جميع طوائف المسلمين وغيرهم على الرد على هؤلاء الملاحدة، وبيان أنه ليس كل ما اتفق شيئان في شيء من الأشياء، يجب أن يكون أحدهما مثلاً للآخر، ولا يجوز أن ينفي عن الخالق سبحانه كل ما يكون فيه موافقة لغيره في معنىً ما، فإنه يلزمه عدمه بالكلية، كما فعله هؤلاء الملاحدة، بل يلزم نفي وجوده ونفي عدمه، وهو غاية التناقض والإلحاد والكفر والجهل.

وكذلك لفظ (التركيب) فإن ثبوت معاني لله تعالى ليس هو مما ينفيه الدليل، وكون تلك المعاني من لوازم ذاته، وأنه لا يكون إلا متصفاً بها، ليس هو تركيباً ينفيه عقل ولا شرع، بل مثل هذا لا بد منه، كما قد بسط ذلك في مواضع كثيرة.

فهذا وأمثاله هي العقليات الفاسدة التي تطرق بها أهل الإلحاد، وكذلك ردهم للدلالة السمعية إذا عارضها عندهم ما هو عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>