قالوا: وهذا بخلاف إثبات موجودين ليس أحدهما داخلاً في الآخر، ولا خارجاً عنه، فإن هذا لا تقوله إلا طائفة يذكرون أنهم علموا ذلك بالنظر لا بالضرورة، وقد تلقاه بعضهم عن بعض، فهو قول تواطئوا عليه، ولهذا لا يقول ذلك من لم ينظر في كلام النفاة.
وإما الإقرار بعلو الله تعالى: ورفع الأيدي إليه، فهو مما اتفقت عليه الأمم، الذين يقولون ذلك ويفعلونه، من غير اتفاق ولا مواطأة.
وحينئذ فالجمع الكثير: إما أن يجوز عليهم الاتفاق على مخالفة البديهيات، وإما أن لا يجوز، فإن لم يجز ذلك عليهم، ثبت أن هذه المقدمة بديهة، لأنه اتفق عليها أمم كثيرة بدون التواطؤ، وإن جاز ذلك عليهم بطل احتجاجهم على أن هذه المقدمة ليست بديهية، فإن الجمع الكثير أنكروها، وإذا بطلت حجتهم على أنها ليست بديهية، بقي أحد المتناظرين يقول: إن مقدمته معلومه له بالبديهة، والآخر لا يمكنه إبطال قوله، فلا تكون له حجة عقلية على بطلان قوله، وهو المطلوب.
فكيف والنفاة لا يدعون بديهيات فطرية ولا سمعيات شرعية