والمثبتون يقولون: معنا نظريات عقلية مع البديهيات الفطرية ومع السمعيات اليقينية الشرعية النبوية.
وأيضاً فيقال: إذا قال المنازعون المثبتون: إن قولنا معلوم بالبديهة، لم يمكن أن يناظر بقضية نظرية، لأنه لا يمكن القدح بالنظريات في الضروريات، كما لا يقبل قدح السوفسطائي بنظره فيما يقول الناس إنه معلوم بالبديهة، ولا يقبل مجرد قوله على منازعه، بل المرجع في القضايا الفطرية الضرورية إلى أهل الفطر السليمة، التي لم تتغير فطرتهم بالاعتقادات الموروثة والأهواء.
ومن المعلوم أن هذه المقدمة مستقرة في فطر جميع الناس، الذين لم يحصل لهم ما يغير فطرتهم من ظن أو هوى.
والنفاة لا ينازعون في أن هذا ثابت الفطرة، لكن يزعمون أن هذا من حكم الوهم والخيال، وأن حكم الوهم والخيال إنما يقبل في الحسيات لا في العقليات.
قالوا: ويتبين خطأ الوهم والخيال في ذلك بأن يسلم للعقل مقدمات تستلزم نقيض حكمه، مثل أن يسلم للعقل مقدمات تستلزم ثبوت موجود ليس بجسم ولا في جهة فيعلم حينئذ أن حكمه الأول باطل.