للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قلتم: إن العقل دل على أنه باطل، كان الشأن في المقدمات التي ينبني عليها ذلك، وتلك المقدمات أضعف في الفطرة من هذه المقدمات، فكيف يدفع الأقوى بالأضعف.

الثامن: أن المثبتين قالوا: بل المقدمات المعارضة لهذا الحكم هي من الوهم والخيال الباطل، مثل إثبات الكليات في الخارج، وتصور النفي والإثبات المطلقين ثابتين في الخارج، وتصور الأعداد المجردة ثابتة في الخارج، فإن هذه المتصورات كلها لا تكون إلا في الذهن، ومن اعتقد أنها ثابتة في الخارج فقد توهم وتخيل ما لا حقيقة له، وجعل هذا التوهم والخيال الباطل مقدمة في دفع القضايا البديهية.

التاسع: أن يقال: لا نسلم أن في الفطرة قضايا تستلزم نتائج تناقض ما حكمت به أو لا كما يدعونه، فإن هذا مبني على أن المقدمات المستلزمة ما يناقض الحكم الأول مقدمات صحيحة، وليس الأمر كذلك، كما سنبينه إن شاء الله تعالى، فإن هذه المقدمات هي النافية لعلو الله على خلقه ومباينته لعباده، والمقدمات المستلزمة لهذا ليست مسلمة، فضلاً عن أن تكون بديهية.

الوجه العاشر: أن الذين جعلوا هذه القضايا من حكم الوهم الباطل هم طائفة من نفاة الصفات الجهمية، من المتكلمين والمتفلسفة، ومن تلقى ذلك عنهم، وهذا معروف في كتب ابن سينا ومن اتبعه من أهل المنطق.

<<  <  ج: ص:  >  >>