تجريده المطلق عنها، لكنه يجردها عن تلك العلاقة المذكورة التي تعلق بها الحس، وأما العقل فيقدر على تجريد الماهية المكنوفة باللواحق الغريبة المشخصة مستثبتاً إياها، حتى كأنه عمل بالمحسوس عملاً جعله معقولاً) .
فقد يعترض على بذلك بأن يقال: إنه يقتضي أن تجريد الخيال الكلي من جنس تجريد العقل، فإن ما يتخيله المختال هو مثال المحسوس المعين، فلم يجرد منه معنى كلي أصلاً، لكن إن ارتسم فيه صورة تشاكله، كما ترتسم في الحائط صورة تشاكل الصورة المعينة، ثم قد يتخيل المعين بجميع صفاته، وقد يتخيل بعضها دون بعض، وقد يتصور عينه مع مغيب صورة بدنه - كان المتصور حقيقة المعينة، كالروح دون الإنسانية المطلقة.
وأما العقل فقد يراد به عقل الصورة المعينة، فهو من جهة كونه تصوراً معيناً من جنس التخيل، ومن جهة كونه لا يختص بشكل معين من جنس تصور العقل.
وقد يراد بالعقل تصور الكلي المطلق، كتصور الإنسان المطلق، وجوابه أن الإنسان المطلق قد يتخيل مطلقاً، والبهائم لها تخيل كلي، ولهذا إذا رأت الشعير حنت إليه، ولولا أن في خيالها صورة مطلقة مطابقة لهذا الشعير وهذا الشعير، لم تطلب هذا المعين حتى تذوقه،