فطلبها له إذا رأته يقتضي أنها أدركت أن مثل الأول، وإنما تدرك التماثل إذا كان في النفس صورة تطابق المتماثلين يعتبر بها تماثلهما.
لكن يقال: فحينئذ لا فرق بين التخيل والتعقل من جهة كون كل منهما يكون معيناً ويكون مطلقاً، وكل منهما ليس عين ما فيه هو عين الموجود في العقل بل مثاله.
فقوله:(حتى كأنه عمل بالمحسوس عملاً جعله معقولاً) .
تحقيقة أن المحسوس لم يعمل به شيء أصلاً، ولا فيه معقول أصلاً، بل العقل تمثل معقولاً يطابق المحسوس وأمثاله.
وقوله:(وأما ما هو في ذاته بريء عن الشوائب المادية وعن اللواحق الغريبة التي لا تلزم ماهيته عن ماهيته، فهو معقول لذاته) .
ففيه كلامان:
أحدهما: أن يقال: ثبوت مثل هذا المعقول تبع لثبوت المعقول المنتزع من المحسوس، وذلك ليس إلا في العقل، لا وجود له في الخارج فيكون المعقول المجرد كذلك، وحينئذ فليس في ذلك ما يقتضي أن يكون في الخارج معقول مجرد.
الثاني: أن يقال: ثبوت هذه المعقولات المجردة في الخارج فرع إمكان وجودها، وإمكان وجودها مبني على إمكان وجود ما لا يمكن