للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك إدراك التيس صورة الشاة، وكذلك إدراك الإنسان شعار صديقه وعدوه، مثل إدراك كل من الطائفتين المقتتلتين شعار الأخرى المسموعة بالأذن، كالشعائر المتداعي بها، والمرئية، كالرايات المرئية هي أيضاً مما يدرك بالحس، ويستدل بها على الولاية والعداوة التي ليست بمحسوسة، بل هي في الأشخاص المحسوسة.

ففي الجملة ليس من شرط الصورة الوهمية عندهم أن يدركها الوهم بلا توسط شيء محسوس، بل لا تدرك تلك المعاني إلا في الأشياء المحسوسة، ولا بد أن تدرك تلك الأشياء المحسوسة فيكون الوهم مقارناً للحس، لا بد من ذلك وإلا فلو أدرك الوهم ما يدركه مجرداً عن الحس لكان يدرك ما يدركه لا في أعيان محسوسة، فلا بد أن يدرك بباطنه، وهو القوة المسماة بالوهم عندهم، وبظاهره، وهو الحس: ما في المدرك من الأمر الباطن، وهو المعنى كالصداقة والعداوة، والظاهر، وهو الشخص الذي هو محل ذلك.

وعلى هذا فميل كل جنس إلى ما يناسبه في الباطن هو بسبب إدراك هذه القوة، كما يتفق في المتحابين والمتباغضين والمتحابون قد يكون تحابهم لاشتراكهم في التعاون على ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، كما يوجد في أجناد العساكر، وأهل المدينة الواحدة، وأهل الدين الواحد، والنسب الواحد ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>