عادلاً جواداً رحيماً شجاعاً، وهذا ظالماً بخيلاً قاسياً جباناً، هو على موجب اصطلاحهم وهم، فإن هذا إدراك أمور غير محسوسة في المحسوسات.
وكذلك سائر الأخلاق التي بها مدح وقدح، مثل البر والفجور والعفة، والصدق والكذب والكرم واللؤم، وأمثال ذلك، فإن هذه معان تقوم بالشخص المحسوس، ونفس الأخلاق القائمة فيه ليست بمحسوسة، وإنما يحس بالأفعال الظاهرة الصادرة عنها، كما يحس بالأفعال الظاهرة الصادرة عن الصداقة والعداوة.
ومعلوم أن إدراك هذه الأمور هي مما يدخل في مسمى العقل والعلم والمعرفة عند عامة العقلاء، بل إدراك كون المعروف معروفاً، وكون المنكر منكراً، هو أيضاً مما يدخل في (الوهم) على اصطلاحهم، فإن المعروف هو المحبوب الموافق الملائم، والمنكر هو المكروه المخالف المنافي، وما يدرك به هذه المعاني من الأمور الحسية وهم، بل على قولهم كل معنى يدرك في الأعيان المحسوسة فإدراكه بالوهم، ولا يبقى فرق بين الوهميات والعقليات في مثل هذا، إلا كون الوهميات جزئية والعقليات كلية.
ومعلوم أن إدراك كثير من هذه المعاني من خواص العقل، ومما يبين هذا أن الرجل إذا رأى امرأته مع من يظن به السوء كان هذا إدراكاً لأمر