الشارح أن هذا الباب أجل ما في هذا الكتاب، فإنه رتب فيه علوم الصوفية ترتيباً ما سبقه إليه من قبله ولا لحقه من بعده) .
وهذا الذي هو غاية ما عند هؤلاء من معارف الصوفية إذا تدبره من يعرف ما بعث الله به رسوله، وما عليه شيوخ القوم -المؤمنون بالله ورسوله- المتبعون لكتاب والسنة، تبين له أن ما ذكره في الكتاب بعد كمال تحقيقه لا يصير به الرجل مسلماً، فضلاً عن أن يكون ولياً لله، وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، فإنه غايته هو الفناء في التوحيد الذي وصفه، وهو توحيد غلاة الجهمية المتضمن نفي الصفات، مع القول بقدم أفلاك، وأن الرب موجب بالذات لا فاعل بمشيئتة ولا يعلم بالجزئيات، ولو قدر أنه فناء في توحيد الربوبية المتضمن للإقرار بما بعث الله به رسوله من الأسماء والصفات، لم يكن هذا التوحيد وحده موجباً لكون الرجل مسلماً، فضلاً عن أن يكون عارفاً ولياً لله، إذ كان هذا التوحيد يقر به المشركون عباد الأصنام، فيقرون بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وإنما يجعل الفناء في هذا التوحيد هو غاية العارفين صوفية هؤلاء الملاحدة كابن طفيل صاحب رسالة حي بن يقظان وأمثاله، ولهذا يستأنسون بما يجدونه من كلام أبي حامد