موافقاً لقولهم، إذ كان في كثير من كلامه ما يوافق الباطل من قول هؤلاء، كما في كثير من كلامه رد لكثير من باطلهم.
ولهذا صار كالبرزخ بينهم وبين المسلمين، فالمسلمون ينكرون ما وافقهم فيه من الباطل عند المسلمين، وهم ينكرون عليه ما خالفهم فيه من الباطل عند المسلمين.
ومن أسباب ذلك أن هؤلاء جعلوا غاية الإنسان وكماله في مجرد أن يعلم الوجود أو يعلم الحق، فيكون عالماً معقولاً مطابقاً للعالم الموجود، وهو التشبه بالإله على قدر الطاقة، وجعلوا ما يأتي به من العبادات والأخلاق إنما هي شروط وأعوان على مثل ذلك فلم يثبتوا كون الرب تعالى معبوداً مألوهاً يحب لذاته، ويكون كمال النفس أنها تحبه، فيكون كمالها في معرفته ومحبته، بل جعلوا الكمال في مجرد معرفة الوجود عند أئمتهم، أو مجرد معرفته، عند من يقرب إلى الإسلام منهم.
فهذا أحد نوعي ضلالهم.
والنوع الآخر أنه لو قدر كمالها في مجرد العلم، فما عندهم ليس بعلم، بل كثير منه جهل.