يوجب فهم المعنى لم يفهمه، ولا أمكن أن يفهم أحد ما أخبر به عن الأمور الغائبة.
وإذا كان هذا في الخطاب السمعي الخبري، فكذلك في النظر القياسي العقلي، فإنما نعرف ما غاب عنا باعتباره بما شهدناه، فيعتبر الغائب بالشاهد، ويحصل في قلوبنا بسبب ما نشهده من الأعيان والجزئيات الموجودة قضايا كلية عقلية، فيكون إدراج المعينات فيها هو قياس الشمول، كالذي يسميه المنطقيون المقدمتان والنتيجة، ويكون اعتبار المعين بالمعنى هو قياس التمثيل الجامع المشترك، سواء كان هو دليل الحكم أو علة دليل الحكم.
والناس في هذا المقام: منهم من يزعم أن القياس البرهاني هو قياس الشمول، وأن قياس التمثيل لا يفيد اليقين، بل لا يسمى قياساً إلا بطريق المجاز، كما يقول ذلك من يقوله من أهل المنطق، ومن وافقهم من نفاة قياس التمثيل في العقليات والشرعيات كابن حزم وأمثاله، ومنهم من ينفي قياس التمثيل في العقليات دون الشرعيات، كأبي المعالي ومتبعيه، مثل الغزالي والرازي والآمدي وأبي محمد المقدسي وأمثالهم.
ومنهم من يعكس ذلك فيثبت قياس التمثيل في العقليات دون الشرعيات، كما هو قول أئمة أهل الظاهر، مثل داود بن علي وأمثاله،