وقول كثير من المعتزلة البغداديين، كالنظام وأمثاله، ومن الشيعة الإمامية، كالمفيد والمرتضى والطوسي وأمثالهم.
وكثير من هؤلاء يقول: إن قياس التمثيل هو الذي يستحق أن يسمى قياساً على سبيل الحقيقة، وأما تسمية قياس الشمول قياساً فهو مجاز، كما ذكر ذلك الغزالي وأبو محمد المقدسي وغيرهما.
والذي عليه جمهور الناس، وهو الصواب، أن كليهما قياس حقيقة، وأن كليهما يفيد اليقين تارة والظن أخرى، بل هما متلازمان، فإن قياس التمثيل مضمونه تعلق الحكم بالوصف المشترك، الذي هو علة الحكم، أو دليل العلة، أو هو ملزوم للحكم، وهذا المشترك هو الحد الأوسط في قياس الشمول، فإذا قال القايس: نبيذ الحنطة المسكر حرام، قياساً على نبيذ العنب، لأنه شراب مسكر، فكان حراما قياساً عليه، وبين أن المسكر هو مناط التحريم، فيجب تعلق التحريم بكل مسكر - كان هذا قياس تمثيل.
وهو منزلة أن يقول: هذا شراب مسكر، وكل مسكر حرام، فالمسكر الذي جعله في هذا القياس حداً أوسط، هو الذي جعله في ذلك القياس الجامع المشترك الذي هو مناط الحكم، فلا فرق بينهما عند التحقيق في المعنى، بل هما متلازمان، وإنما يتفاوتان في ترتيب المعاني والتعبير عنها، ففي الأول يؤخر الكلام في المشترك الذي هو الحد الأوسط، وبيان أنه مستلزم للحكم متضمن له، ويذكر الأصل الذي هو نظير الفرع ابتداءً.
وفي الثاني يقدم الكلام في الحد الوسط ويبين شموله وعموه، وانه مستلزم للحكم ابتداء.