أو قريبة من الضرورية، والقطع بها أعظم من القطع بوجود موجود لا يمكن الإشارة الحسية إليه، وأن الواجب الوجود لا يشار إليه، فإن ما يشار إليه فهو جسم، فلو أشير إليه لكان جسماً وليس بجسم فإن هذه الأمور إما أن تكون معلومة الفساد بالضرورة أو بالنظر، وإما أن تكون إذا علمت لا تعلم إلا بطرق نظرية، فلا يمكن القدح بها في تلك المقدمات الضرورية، فالاعتبار والقياس تارة يكون بلفظ الشمول والعموم، وتارة بلفظ التشبيه والتمثيل.
وكذلك إذا قلنا: إما أن يكون قائماً بنفسه أو بغيره أو قديماً أو محدثاً، أو واجباً أو ممكناً، فكذلك إذا قلنا: إما أن يكون مبايناً أو محايثاً أو داخلاً أو خارجاً.
فبين ابن كلاب - وغره من أئمة النظار - لهؤلاء النفاة: أنكم إذا جوزتم خلو الرب عن الوصفين المتقابلين - الذين يعلمون أنه يمتنع خلو الوجود عنهما - لزمكم مثل ذلك، وأن تصفوه بسائر الممتنعات، فقال: إذا وصفتموه بأنه لا مماس ولا مباين، وأنتم تعلمون أن الموجود الذي تعرفونه لا يكون إلا مماساً أو مبايناً، فوصفتموه بما هو عندكم محال فيما تعرفونه من الموجودات، لزمكم أن تصفوه بأمثال ذلك من المحالات، فتقولون: لا قديم ولا محدث ولا قائم بنفسه ولا غيره، ولا حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل وأمثال ذلك.
وذكر أيضاً حجة أخرى رابعة فقال: أليس يقال لما ليس بثابت