ولا ريب أن النفاة لا تقر بوصفه بالامتناع والعدم والنقائص، لكن نقول: لا نصفه لا بهذا ولا بهذا، لا نصفه بالعلم ولا الجهل ولا الحياة ولا الموت، ولا القدرة ولا العجز ولا الكلام ولا الخرس.
فإذا قيل لهم: عن لم يوصف بصفة الكمال، لزم اتصافه بهذه النقائص.
قالوا: هذا إنما يكون فيما يقبل الاتصاف بهذا وهذا.
ويقول المنطقيون: هذان متقابلان تقابل العدم والملكة، لا تقابل السلب والإيجاب، والمتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا يرتفعان جميعاً، بخلاف المتقابلين تقابل العدم والملكة، كالحياة والموت، والعمى والبصر، فإنهما قد يرتفعان جميعاً إذا كان المحل لا يقبلهما كالجمادات، فإنها لما لم تقبل الحياة والبصر والعلم لم يقل فيها إنها حية ولا ميتة، ولا عالمة ولا جاهلة، وقد أشكل كلامهم هذا على كثير من النظار، وأضلوا به خلقاً كثيراً، حتى الآمدي وأمثاله من أذكياء النظار، اعتقدوا أن هذا كلام صحيح، وأنه يقدح في الدليل الذي استدل به السلف والأئمة، ومتكلمو أهل الإثبات في إثبات السمع والبصر وغير ذلك من الصفات.
وهذا من جملة تلبيسات أهل المنطق والفلسفة، التي راجت على هؤلاء فأضلتهم عن كثير من الحق الصحيح، المعلوم بالعقل الصريح.
وجواب هذا من وجوه بسطناها في غير هذا الموضع.
منها أن يقال: فما يقبل الاتصاف بهذه الصفات، مع إمكان