معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه لفظاً ومعني يوجب تناولها لحق وباطل، فبما فيها من الحق يقبل ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل ونصوص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع، فإن البدعة لو كانت باطلا محضاً لظهرت وبانت، وما قبلت، ولو كانت حقا محضا، لا شوب فيه، لكانت موافقة للسنة، فإن السنة لا تناقض حقاً محضاً لا باطل فيه، ولكن البدعة تشتمل علي حق وباطل وقد بسطنا الكلام علي هذا في غير هذا الموضع.
ولهذا قال تعالي فيما يخاطب به أهل الكتاب علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون * وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون * ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}[البقرة: ٤٠-٤٢] ، فنهاهم عن لبس الحق بالباطل وكتمانه.
ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، كما قال تعالى {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون}[الأنعام: ٩] .
ومنه التلبيس، وهو التدليس، وهو الغش، لأن المغشوش من النحاس تلبسه فضة تخالطه وتغطيه، كذلك إذا لبس الحق بالباطل يكون قد أظهر الباطل