في صورة الحق، فالظاهر حق، والباطن باطل، ثم قال تعالى {وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}[البقرة: ٤٢] .
وهنا قولان.
قيل: إنه نهاهم عن مجموع الفعلين، وإن الواو واو الجمع التي يسميها نحاة الكوفة واو الصرف، كما في قولهم لاتأكل السمك وتشرب اللبن كما قال تعالى:{ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}[آل عمران: ١٤٢] علي قراءة النصب، وكما في قوله تعالى {أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير * ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص}[الشورى: ٣٤-٣٥] علي قراءة النصب، وعلي هذا فيكون الفعل الثاني في قوله {وتكتموا الحق} منصوباً، والأول مجزوماً.
وقيل: بل الواو هي الواو العاطفة المشركة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيكون قد نهي عن الفعلين من غير اشتراط اجتماعهما، كما إذا قيل: لا تكفر وتسرق وتزن.
وهذا هو الصواب، كما في قوله تعالي {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}[آل عمران: ٧١] ولو ذمهم علي الاجتماع لقال: وتكتموا الحق بلا نون وتلك الآية نظير هذه.
ومثل هذا الكلام إذا أريد به النهي عن كل من الفعلين فإنه قد يعاد فيه حرف النفي، كما تقول: لا تكفر، ولا تسرق، ولا تزن.
ومنه قوله تعالي {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء: ٢٩] .