وأما إذا لم يعد حرف النفي فيكون لارتباط أحد الفعلين بالآخر، مثل أن يكون أحدهما مستلزماً للآخر، كما قيل: لا تكفر بالله وتكذب أنبياءه، ونحو ذلك.
وما يكون اقترانهما ممكناً لا محذور فيه، لكن النهي عن الجميع فهو قليل في الكلام.
ولذلك قل ما يكون فيه الفعل الثاني منصوباً، والغالب علي الكلام جزم الفعلين.
وهذا مما يبين أن الراجح في قوله:(وتلبسوا) أن تكون الواو واو العطف، والفعل مجزوماً، ولم يعد حرف النفي لأن أحد الفعلين مرتبط بالآخر مستلزم له، فالنهي عن الملزوم ـ وإن كان يتضمن النهي عن اللازم ـفقد يظن أنه ليس مقصوداً للنهي، وإنما هو واقع بطريق اللزوم العقلي.
ولهذا تنازع الناس في الأمر بالشيء: هل يكون أمراً بلوازمه؟ وهل يكون نهياً عن ضده؟ مع اتفاقهم علي أن فعل المأمور لا يكون إلا مع فعل لوازمه وترك ضده.
ومنشأ النزاع: أن الآمر بالفعل قد لا يكون مقصوده اللوازم ولا ترك الضد، ولهذا إذا عاقب المكلف لا يعاقبه إلا علي ترك المأمور فقط، لا يعاقبه علي ترك لوازمه وفعل ضده.
وهذه المسألة هي الملقبة بأن: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وقد غلط فيها بعض الناس، فقسموا ذلك إلي ما لا يقدر المكلف عليه كالصحة في الأعضاء والعدد في الجمعة، ونحو ذلك مما لا يكون قادراً علي تحصيله، وإلي ما يقدر عليه كقطع المسافة إلي الحج، وغسل جزء من الرأس في الوضوء، وإمساك