منه، ويقولون: النصارى إنما كفروا لأنهم خصصوا كما يقول ذلك الاتحادية أصحاب صاحب (الفصوص) وأمثاله، وهم كثيرون في الجهمية.
بل عامة عباد الجهمية وفقهائهم، وعامة الذين ينتسبون إلى التحقيق من الجهمية، هم من هؤلاء كابن الفارض، وابن سبعين، والقونوي، والتلمساني، وأمثالهم.
فإذا قال الجهمي الذي يقول: إنه في كل مكان، ويقول مع ذلك بأن وجوده غير وجود المخلوقات، أو يقول بالاتحاد من وجه والمباينة من وجه، كما هو قول ابن عربي وأمثاله، كما حكى الإمام أحمد عنهم، يقول: إنه في كل مكان لا مماس للأمكنة ولا مباين لها، وأنه حال في العالم أو متحد به لا كحلول الأعراض والأجسام في الأجسام وأشباه ذلك.
فاحتج موافقوهم على نفي المباينة كالرازي وأمثاله بما ذكروه من قولهم: الحلول إنما يعقل إذا كان الحال مفتقراً إلى المحل، فإما أن يكون الحلول جائزاً أو واجباً، فإن كان جائزاً انتفى افتقاره إلى المحل، فلزم الجمع بين النقيضين: أن يكون مفتقراً إلى المحل غير مفتقراً إليه لكون حلوله جائزاً لا واجباً، وإن كان الحلول واجباً لم يكن الحال واجباً بنفسه بل بغيره.