للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال لهم الحلولية: قولكم الحلول المعقول يقتضي افتقار الحال إلى المحل إنما يكون إذا كان الحال عرضاً، فضلاً عن أن يكون جسماً، فضلاً عن أن يكون لا جسماً ولا عرضاً، فأما إذا قدر حال ليس بجسم ولا عرض، فلم قلتم: إن حلوله يقتضي افتقاره إلى المحل؟ وقالوا لهم: إذا جوزتم وجود موجود لا مباين لغيره ولا حال فيه، فلم لا يجوز وجود موجود حال في غيره ليس مفتقراً إليه؟

فإذا قلتم: لا نعقل حالاً في شيء إلا مفتقراً إليه.

قيل لكم: هذا كما قلتموه للمثبتة: هذا من حكم الهم والخيال، لما قال المثبتة: لا نعقل موجوداً إلا مبايناً لغيره أو محايثاً له.

وهذا هو السؤال الذي أورده أحمد من جهة الجهمية حيث قالوا: (هو في كل مكان: لا مماس ولا مباين، فضلاً عن أن يقولوا: مفتقراً، فإن الافتقار إنما يعقل في حلول الأعراض، فأما حلول الأعيان القائمة بأنفسها في الأعيان القائمة بأنفسها، فلا يجب فيه الافتقار.

والقائلون بالحلول إنما يقولون: هو حلول عين في عين، لا حلول صفة في محل.

فلهذا قال لهم الإمام أحمد وأمثاله: أهو مماس أو مباين؟ فإذا سلبوا هذين المتقابلين تبين مخالفتهم لصريح العقل، وكانت هذه الحجة عليهم خيراً من حجة الرازي، حيث أنه نفى حلول العرض في محله، فإن هذا لم يقله أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>