للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألة - وما أشبهها - إلى أن يسلموا أن الألوان ممكنة أن تسمع، والأصوات ممكنة أن لا تسمع، وهذا كله خروج عن الطبع وعما يمكن أن يعقله الإنسان، فإن من الظاهر أن حاسة البصر غير حاسة السمع، وأن محسوس هذه غير محسوس تلك، وأن آلة هذه غير آلة تلك، وأنه ليس يمكن أن ينقلب البصر سمعاً، كما لا يمكن أن يعود اللون صوتاً، والذين يقولون: إن الصوت يمكن أن يبصر في وقت، فقد وجب أن يسألوا فيقال لهم: ما هو البصر؟ فلا بد أن يقولوا: هو قوة تدرك بها المرئيات: الألوان وغيرها، ثم يقال لهم: ما هو السمع؟ فلا بد أن يقولوا: هو قوة تدرك بها الأصوات، فإذا وضعوا هذا قيل لهم: فهل البصر عند إدراكه الأصوات هو بصر فقط، أو سمع فقط؟ فإذا قالوا: سمع فقط، فقد سلموا أنه لا يدرك الألوان.

وإن قالوا: بصر فقط، فليس يدرك الأصوات، وإذا لم يكن بصراً فقط لأنه يدرك الأصوات، ولا سيما فقط لأنه يدرك الألوان، فهو بصر وسمع معاً، وعلى هذا فتكون الأشياء كلها شيئاً واحداً، حتى المتضادات، وهذا شيء - فيما أحسبه - يسلمه المتكلمون من أهل ملتنا، أو يلزمهم تسليمه - يعني هؤلاء الأشعرية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>