للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وهو رأي سوفسطائي لأقوام مشهورين بالسفسطة.

وأما الطريقة الثانية التي سلكها المتكلمون في جواز الرؤية فهي الطريقة التي اختارها أبو المعالي في كتابه المعروف بالإرشاد وتلخيصها.

أن الحواس إنما تدرك ذوات الأشياء، وما تنفصل به الموجودات بعضها من بعض، فهي أحوال ليست بذوات، فالحواس لا تدركها، وإنما تدرك الذات، والذات هي نفس الوجود المشتركة لجميع الموجودات، فإذاً الحواس إنما تدرك الشيء من حيث هو هو موجود) .

قلت: هذه الحجة من جنس الأولى، لكن هذه على قول مثبتة الأحوال، وتلك على رأي نفاة الأحوال، لكن ذكرها على هذا الوجه فيه تناقض، حيث جعل الأحوال لا ترى، بل إنما يرى الوجود، والوجود حال عند مثبتة الأحوال، لكن مضمون ذلك أنها تدرك الحال المشتركة وهي الوجود، لا لما اختصت به.

ثم قال ابن رشد: (وهذا كله في غاية الفساد.

ومن أبين ما يظهر به فساد هذا القول أنه لو كان البصر إنما يدرك الأشياء لوجودها لما أمكنه أن يفرق بين الأبيض والأسود، لأن الأشياء لا تفترق بالشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>