عقليات صحيحة لا يلزم من القدح فيها في السمع، فكيف بالمعقولات التي فيها خطأ كثير وتنازع عظيم.
بل كل من كان عن الشرائع أبعد، كان اضطرابهم في عقلياتهم أكثر، كالفلاسفة فإن بينهم من الاختلاف في عقلياتهم - حتى في المنطق والهيئة والطبيعيات - ما لا يكاد يحصى.
وكلامهم في الإلهيات قليل، وعلمهم بها ضعيف، ومسائلها عندهم يسيرة، وهي مع هذا عندهم لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقي، ولا سمين فينتقل.
وأساطينهم معترفون بأنه لا سبيل لهم إلى اليقين فيها وإنما يتكلمون فيها بالأولى وألا خلق، وهم مع هذا متنازعون فيها أعظم من تنازع كل فرقة من مبتدعة أهل الملل في الأمور الإلهية.
وإذا كان جنس ما يسميه هؤلاء عقليات، فيه خطأ كثير باتفاق الناس وبالضرورة، لم يمكن أن يقبل جنس ما يقال له عقليات، فضلاً عن أن يعارض به، ولو قبل جنس ما يقال له عقليات كله، للزم من الجميع بين النقيضين ما شاء الله.
فنفاة الجزء - الذي هو الجوهر الفرد - ومثبتوه، كل منهم يقول: إن ذلك معلوم بالعقل.
والقائلون ببقاء بعض الأعراض، مع القائلين بفنائها، والقائلون بتماثل الأجسام مع القائلين باختلافها، والقائلون