بوجوب تناهي الحوادث مع القائلين بعدم جواز تناهيها، وأضعاف ذلك.
بل العقليات الصحيحة: ما كان معقولاً للفطر السليمة الصحيحة الإدراك التي لم يفسد إدراكها.
وهذا القدر لا يزال موجوداً في بني آدم، وإن فسد رأي القوم، لم يلزم فساد رأي آخرين.
لكن إذا تنازع الناس، وادعى كل فريق أن قولنا هو الذي تشهد به الفطر السليمة، لم يفصل بينهم إلا ما يتفقون على صدق شهادته: إما كتاب منزل من السماء يحكم بينهم، وإما شهادة فطر تقر الطائفتان أنها صحيحة الإدراك صادقة الخبر، فلا يحكم بين المتنازعين إلا حاكم يسلمان لحكمه.
والمقصود هنا أنه لا يقول عاقل: إن كل ما يسمى معقولاً يجوز قبوله، فضلاً عن أن يجب، فضلاً عن أن يعارض به معقول آخر، فضلاً عن أن يعارض به كتاب منزل من عند الله.
وإذا كان كذلك لم يكن في رد كثير مما يسمى معقولاً رد لسائرها، فإذا رد مما يسمى معقولاً ما لا يتوقف العلم بصحة السمع عليه، لم يكن في هذا رد للأصل المعقول الذي به يعلم السمع، وهو المطلوب.
وإذا كان كذلك، فالمعقول المذكور هنا الذي عارضوا به الآيات الإلهية والأحاديث النبوية - هو ما ذكروه في نفي علو الله على خلقه، وليس شيء من ذلك مما يحتاج في العلم بصحة السمع إليه، فإن إثبات موجود لا يمكن أن يشار إليه، ولا يكون داخل العالم ولا خارجه،