ولو قيل: إنه يجوز استعمال لفظ (الواحد) في لغتهم في هذا المعنى: إما بطريق المجاز والاشتراك أو التواطؤ.
قيل: هب أنه يجوز لمن بعدهم أن يستعمل ذلك، لكن نحن نعلم أنهم لم يستعملوه في ذلك، لأنهم لم يكونوا يثبتون هذا المعنى، وبتقدير أن يكون مستعملاً في هذا وهذا، فإنه يكون دالاً على ما به الاشتراك، فلا يدل على ما يمتاز به أحدهما عن الآخر، فلا يدل على محل النزاع، ولو قدر أنه حقيقة في أحدهما: مجاز في الآخر، لكان حقيقة في المعنى الذي يسبق إلى إفهام الناس عند الإطلاق، وهو المعروف.
ولو قدر أنه مشتركاً اشتراكاً لفظياً لم يجز تعيين محل النزاع إلا بقرينة تدل على تعيينه، والقرائن اللفظية إنما تدل على نقيض قولهم، لا على عين قولهم، فإنه ليس في الكتاب إثبات واحد بالمعنى الذي ادعوه، فضلاً عن أن يكون الله موصوفاً به.
وهذا (الواحد) الذي يثبته هؤلاء من جنس الأحوال التي يثبتها أولئك، ومن جنس الشيء المعدوم الذي يثبته من يقول: المعدوم شيء، ومن جنس الكليات والمجردات، كالعقول والمادة والصورة العقلية التي يثبتها الفلاسفة، فهؤلاء يثبتون في الخارج ما لا وجود له في الخارج، لكن مثبتة الأحوال اعقل، ولهذا كان فيهم من هو من أهل الإثبات، فإنهم عرفوا أنها ليست موجودة في الخارج، لكن تناقضوا حيث قالوا: لا موجودة ولا معدومة، فصاروا مشابهين للقرامطة الباطنية المتفلسفة، الذين يقولون: لا موجود ولا معدوم، ولا حي ولا ميت.
ومن قال: المعدوم شيء، وهو ثابت وليس بموجود - يشبه المتفلسفة الذين جعلوا