يؤيد هذا أنهم يقولون: اللفظ المشهور في اللغة الذي يتداوله الخاص والعام لا يجوز أن يكون موضوعاً بإزاء المعنى الدقيق الذي لا يفهمه إلا خواص الناس، وهذا مما استدل به نفاة الأحوال على مثبتيها، وقالوا: المعروف في اللغة أن الحركة هي كون الجسم متحركاً.
وأما ما يدعونه من أن الحركة أمر يوجب كون الجسم متحركاً، فهذا المعنى لا يفهمه إلا الخاصة، فضلاً عن أن يعلموا أن لفظ (الحركة) موضوع له.
ولفظ (الحركة) لفظ مشهور يتداوله الخاصة والعامة، فلا يحوز أن يكون مفهومه ما لا يتصوره المخاطبون به.
وهذا بعينه ما يقال لهؤلاء النفاة الذين يسمون نفيهم توحيداً، فيقال هذا الواحد الذي تثبتونه، وهو أنه لا يشار إليه، ولا يتميز منه شيء عن شيء، ونحو ذلك - أمر لا يتصوره إلا بعض الناس، بل قليل منهم، والذين تصوروه تناعوا في إمكان وجوده في الخارج، فمنهم من قال: وجود هذا في الخارج ممتنع، وإن كان كذلك، ولفظ الواحد مشهور في اللغات كلها أشهر من لفظ (الحركة) ، فلا يجوز أن يكون مسمى هذا الاسم في اللغة المعروفة معنى لا يتصوره إلا قليل من الناس، وهم متنازعون في إمكان ثبوته في الخارج، وإذا لم يكن هذا المعنى هو المراد بلفظ (الواحد) و (الأحد) ، لم يجز الاستدلال بالسمع الوارد بلغة العرب على هذا.