وإذا قدر أن أهل اللغة عبروا بلفظ (الواحد) و (الأحد) في لغتهم عن هذا، لم يجز أن يقال: إن لفظ (الواحد) في لغتهم لا يقع إلا عليه، لما ذكرناه أن لفظ (الواحد) وما اشتق منه عرف واشتهر استعماله في اللغة فيما يجعلونه هم جسماً منقسماً، وذلك ليس بواحد عندهم، فسمي الواحد عندهم منتف في اللغة، وإن قدر وجوده لكان نادراً في اللغة.
والغالب المشهور في اللغة أن اسم (الواحد) يتناول ما ليس هو الواحد في اصطلاحهم، وإذا كان كذلك لم يجز أن يحتج بقوله تعالى:{وإلهكم إله واحد}[البقرة: ١٦٣] ، وقوله:{قل هو الله أحد} ونحو ذلك مما أنزله الله بلغة العرب، واخبرنا فيه انه أحد، وأنه إله واحد - على أن المراد ما سموه هم في اصطلاحهم واحداً مما ليس معروفاً في لغة العرب، بل إذا قال القائل: دلالة القرآن على نقيض مطلوبهم أظهر - كان قد قال الحق، فإن القرآن نزل بلغة العرب، وهم لا يعرفون الواحد في الأعيان إلا ما كان قديماً بنفسه، متصفاً بالصفات مبايناً لغيره، مشاراً إليه.
وما لم يكن مشاراً إليه أصلاً، ولا مبايناً لغيره، ولا مداخلاً له، فالعرب لا تسميه واحداً ولا أحداً، بل ولا تعرفه، فيكون الاسم الواحد والأحد دل على نقيض مطلوبهم منه، لا على مطلوبهم.