لفظ التوحيد على ما يدعونه هم، لأن دلالة الخطاب إنما تكون بلغة المتكلم وعادته المعروفة في خطابه، لا بلغة وعادة واصطلاح أحدثه قوم آخرون، بعد انقراض عصره وعصر الذين خاطبهم بلغته وعادته، كما قال تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}[إبراهيم: ٤] ، بل لفظ (التوحيد) و (الأحد) و (الواحد) الموجود كلام الله ورسوله يدل على نقيض قولهم، وأنه موصوف بالصفات الثبوتية، كما تقدم التنبيه عليه من أنه لا يعرف مسمى الواحد في لغة العرب إلا ما كان كذلك، ومن أن الله وصف هذا الواحد بالصفات الثبوتية، وسماه بالأسماء المتضمنة للمعاني الثبوتية في غير موضع.
فلو قدر أن لفظ (الواحد) فيه اشتراك وإجمال، لكان ما بينه القرآن من اتصافه بالصفات الثبوتية رافعاً للإجمال والاشتراك، موافقاً لقول أهل الإثبات دون النفاة.
وهذه الأدلة كلما تدبرها العاقل تبين له قطعاً أن هؤلاء النفاة مناقضون للرسول، هم في جانب، والرسل في جانب، كمناقضة القرامطة الباطنية وأمثالهم، وأن استدلال هؤلاء بنصوص الأنبياء على نفيهم، من جنس استدلال القرامطة على شريعتهم الإلحادية بنصوص الأنبياء.
ومما يبين ذلك أن كلام الله ورسوله صدق، بل أصدق الكلام كلام الله.
والكلام الصدق يتضمن الإخبار عن الأمور على ما هي عليه، لا على خلاف ما هي عليه، بخلاف الكلام الذي هو كذب، سواء كان