صاحبه يعلم أنه كذب، أو كان مخطأ يظن أنه صدق مطابق للحقائق وليس كذلك، كما هو كلام هؤلاء النفاة للصفات، فإن الواحد الذي يثبتونه لا حقيقة له في الخارج، فيمتنع أن يكون كلام الله مخبراً عن وجوده في الخارج وذلك أنهم يجعلون الحقائق المتنوعة: كل واحدة هي الأخرى بلا امتياز أصلاً، فيجعلون الذات القائم بنفسها هي الصفة القائمة بها، كما يجعلون العالم عين العلم، والقادر عين القدرة.
ومنهم من يجعل العلم عين المعلوم، ويجعلون كل صفة هي الأخرى، كما يجعلون العلم هو القدرة، والقدرة هي الإرادة، أو يجعلون النوع الكلي العام المقسوم إلى أعيان هو واحد بالعين، بحيث تكون هذه العين هي تلك العين، كما يقولون: الوجود واحد، والموجود الواجب، وهو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، الذي لا يختص بوجه من الوجوه، أو بشرط عدم كل أمر وجودي عنه، فلا يختص بكونه واجباً أو عالماً أو قادراً أو حياً، أو نحو ذلك من الأمور التي توجب اختصاصه بموجود دون موجود.
وإذا حققوا الأمر لم يفرقوا بين الوجود الواجب الخالق القديم الفاطر الغني عن كل ما سواه، والوجود الممكن المحدث المخلوق المفطور الفقير الذي لا يستغني بوجه من الوجوه عن خالقه بل لا يزال فقيراً إليه.
ويجعلون الكلام المنقسم إلى الأمر والنهي والخبر هو نفس الأمر والنهي والخبر، وإن عين الكلام الذي هو أمر عين الكلام الذي هو