بها النصوص هي من هذا الضرب، كلفظ الجسم والحيز والجهةوالجوهروالعرض، فمن كانت معارضته بمثل هذه الألفاظ لم يجز له أن يكفر مخالفه، إن لم يكن قوله مما يبين الشرع أنه كفر، لأن الكفر حكم شرعي متلقي عن صاحب الشريعة، والعقل قد يعلم به صواب القول وخطؤه، وليس كل ما كان خطأ في العقل يكون كفرأ في الشرع، كما أنه ليس كل ما كان صواباً في العقل تجب في الشرع معرفته.
ومن العجب قول من يقول من أهل الكلام: إن أصول الدين التي يكفر مخالفها هي علم الكلام الذي يعرف بمجرد العقل.
وأما ما لا يعرف بمجرد العقل فهي الشرعيات عندهم، وهذه طريقة المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم كأتباع صاحب الإرشاد وأمثالهم.
فيقال لهم: هذا الكلام تضمن شيئين: أحدهما: أن أصول الدين هي التي تعرف بالعقل المحض دون الشرع، والثاني: أن المخالف لها كافر، وكل من المقدمتين وإن كانت باطلة فالجمع بينهما متناقض، وذلك أن ما لا يعرف إلا بالعقل لا يعلم أن مخالفه كافر الكفر الشرعي، فإنه ليس في الشرع أن من خالف ما لا يعلم إلا بالعقل يكفر، وإنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليهم وسلم فيما أخبر به أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم.
وفي الجملة فالكفر متعلق بما جاء به الرسول، وهذا ظاهر على قول من لا يوجب شيئاً ولا يحرمه إلا بالشرع، فإنه لو قدر عدم الرسالة لم يكن كفر محرم، ولا إيمان واجب عندهم ومن أثبت ذلك بالعقل فإنه لا ينازع أنه بعد مجيء