فإن قلت: أنا إذا نازعني منازع في الضروريات التي عندي سكت عنه ولم أنازعه.
قيل لك: وهذا مما يمكن المثبت أن يقوله لك، كما تقوله لمنازعك أيضاً، لكن أنت لا توفي بهذا، بل تتناقض وتخاصم أهل الإثبات وتنكر عليهم، بل قد تعاديهم أو تكفرهم، فإن كان ما فعلته سائغاً لك، ساع لأولئك النفاة أن يخاصموك ويعادوك ويكفروك، كما فعلت هذا بأهل الإثبات، وإن كنت تنكر على من يعاديك ويكفرك من النفاة لما أثبته، فأنكر على نفسك معاداتك وتكفيرك لأهل الإثبات لما نفيته.
وإن قلت: أنا لا أثق بصدقهم: أنهم يعلمون ذلك اضطراراً، أو لا أثق بخبرتهم بالعلم الضروري.
قيل لك: ومنازعك النافي لا يثق بصدقك وعلمك أيضاً.
فإن قلت: هو يعلم من ديني وعقلي ما يوجب معرفته بصدقي وعلمي.
قيل لك: وأنت تعرف من دين أهل الإثبات وعقلهم، ما يوجب معرفتك بصدقهم وعلمهم.
وإن قلت: أنا بين فساد العقليات التي يعارض به النفاة لما أثبته.
قيل لك: والمثبتون لما تنفيه يثبتون فساد العقليات التي تعارضهم أنت بها.