الاعتقاد الجازم بلا ضرورة ولا استدلال: هل يمكن أم لا؟ وإذا أمكن: فهل يسمى علماً أم لا؟
ومنها: أن لفظ (الضرورة) فيه إجمال.
فقد يراد به مايضطر إليه الإنسان من المعلومات الظاهرة المشتركة بين الناس.
وقد يراد به ما يحصل في نفسه بدون كسبه.
وقد يراد به ما لا يقبل الشك.
وقد يراد به ما يلزم نفس الإنسان لزوماً لا يمكن الانفكاك عنه.
ومنها: أن حصول العلم في النفس قد يحصل لكثير من الناس حصولاً ضرورياً، مع توهمه أنه لم يحصل له، كما يقع مثل ذلك في القصد والنية، فإن الأمة متفقة على أن الصلاة ونحوها من العبادات لا تصح إلا بالنية من جنس القصد، والإرادة محلها القلب باتفاقهم، فلو لفظ بلسانه غير ما قصد بقلبه أو بالعكس، كان الاعتبار بقصده الذي في قلبه.
ثم إن كثيراً من الناس اشتبه عليهم أمر النية، حتى صار أحدهم يطلب حصولها وهي حاصلة عنده، ويشك في حصولها في نفسه وهي حاصلة، لا سيما إذا اعتقد أنه يجب مقارنة النية للصلاة، فيرى في أحدهم من الوسواس في حصولها ما يخرجه عن العقل والدين، حتى قيل: الوسوسة لا تكون إلا عن خبل في العقل، أو جهل بالشرع.
وأصل ذلك جهلهم بحقيقة النية وحصولها، مع خروجهم عن الفطرة السليمة، التي فطر الله عليها عباده.