وأما التناقض لمطلق فهو أن يكون موجب أحد الدليلين ينافي موجب الآخر: إما بنفسه، وإما بلازمه، مثل أن ينفي أحدهما لازم الآخر أو يثبت ملزومه، فإن انتقاء لازم الشيء، يقتضي انتفاءه، وثبوت ملزومه يقتضي ثبوته.
ومن هذا الباب الحكم على الشيئين المتماثلين من كل وجه مؤثر في الحكم بحكمين مختلفين، فإن هذا تناقض أيضاً، إذ حكم الشيء حكم مثله، فإذا حكم على مثله بنقيض حكمه كان كما لو حكم عليه بنقيض حكمه.
وهذا التناقض العام هو الاختلاف الذي نفا الله تعالى عن كتابه بقوله عز وجل:{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء: ٨٢] ، وهو الاختلاف الذي وصف الله به قول الكفار في قوله تعالى {إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك}[الذاريات: ٨-٩] .
وضد هذا هو التشابه العام الذي وصف الله به القرآن في قوله {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني}[الزمر: ٢٣] ، وهذا ليس هو التشابه الخاص الذي وصف الله تعالى به القرآن في قوله {منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات}[آل عمران: ٧] ، فإن ذلك التشابه العام يراد به التناسب والتصادق والائتلاف.
وضده: الاختلاف الذي هو التناقض والتعارض، فالأدلة الدالة على العلم لا يجوز أن تكون متناقضة متعارضة، وهذا مما لا ينازع فيه أحد من العقلاء،