للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإرادة، أو السمع والبصر بالعلم، والكلام والإرادة والقدرة بالعلم، ويكون القول في الثانية كالقول في الأولى، يلزمها من اللوازم في النفي والإثبات ما يلزم التي نفاها، فيكون مع جمعه في كلامه أنواعاً من السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات قد فرق بين المتماثلين: بأن جعل حكم أحدهما مخالفاً لحكم الآخر، ويكون قد عطل النصوص عن مقتضاها، ونفى بعض ما يستحق الله من صفات الكمال، ويكون النافي لما أثبته هو قد تسلط عليه، وأورد عليه فيما أثبته هو نظير ما أورده هو على من أثبت ما نفاه، وإن كان النافي لما أثبته أكثر تناقضاً منه.

ثم هؤلاء يجعلون ما ابتدعوه من الأقوال المجملة ديناً، يوالون عليه ويعادون، بل يكفرون من خالفهم فيما ابتدعوه، ويقول: مسائل أصول الدين: المخطئ فيها يكفر وتكون تلك المسائل مما ابتدعوه.

معلوم أن الخوارج هم مبتدعة مارقون، كما ثبت بالنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة ذمهم والطعن عليهم، وهم إنما تأولوا آيات من القرآن على ما اعتقدوه، وجعلوا من خالف ذلك كافرا، لاعتقادهم أنه خالف القرآن، فمن ابتدع أقوالاً ليس له أصل في القرآن، وجعل من خالفها كافراً كان قوله شراً من قول الخوارج، ولهذا اتفق السلف والأئمة على أن قول الجهمية شر من قول الخوارج.

وأصل قول الجهمية هو نفي الصفات بما يزعمون من دعوى العقليات التي عارضوا بها النصوص، إذ كان العقل الصريح الذي يستحق أن تسمى قضاياه

<<  <  ج: ص:  >  >>