قال:(وآثار صنع الباري - عزت قدرته - في الموجودات أكثر وأظهر من كل دليل.
وكل من وقف على آثار صنعته بنور عقله، يقع له العلم بوجود الصانع.
إذ لا يتصور مصنوع بلا صانع، ولا مخلوق بلا خالق) .
قال:(والدليل على أن النظر أول الواجبات هو أن سائر الواجبات من الصلاة والصيام إنما يوجد بعد المعرفة، لأن إنما يصح أن يتقرب إلى الله من يعرفه.
فصارت المعرفة متقدمة على سائر الواجبات، والنظر متقدم على المعرفة، لأنه طريق إليها، وطريق الشيء متقدم عليه، فصح أن النظر متقدم على كل شيء واجب، وهنا التقدم في النظر إنما هو في وجوده لا في وجوبه، وإلا فالواجب الأول هو المعرفة.
يعني: الواجب قصداً) .
قال: (والحاجة التي دعت إلى النظر هو أنه لا طريق إلى المعرفة إلا به.
والدليل على ذلك أن المعرفة إما تكون واقعة مبتدأة، كمعرفة العاقل أن العشرة أكثر من الخمسة، وإما أن تكون واقعةً عن طريق، كمعرفتنا بالمدركات إذا أدركناها بحواسنا الخمس، وكمعرفتنا بما غاب عنا إذا أخبرنا به خلق عظيم شاهدوه، نحو معرفتنا